لليلة وداع تحولت ليلة ابداع

حسنا ما قامت بها جمعية التراث والثقافة النوبية مع مكى على إدريس أن كرمته ووضعت للقامات النوبية مكانا يليق بهم ،فالنوبة مع حضارتها العريقة الضاربة فى جذور التاريخ ،لا زالت حبلى بالكثير من أبناء تهراقا وبعانخى ، الذين يعول عليهم لإحياء تلكم الحضارة ،المنقوشة فى صم الحجارة لواقع نحيا عليها ونثبت الأقدام لنهضة أخرى لم تكن أقل من سابقتها ، ومكى على إدريس الباحث المنقب الذى لا يعلو جهدا لإبراز كل جديد من أسرار هذه الحضارة أحدهم، وجدير أن يكرم بمثل هذه الليالى لتكون دافعا له شخصيا وليقتدى الآخرين أثره ،وبذلك تكون الجمعية أدت رسالتها من الناصرية فى عاصمة الخير الرياض بالمملكة العربية السعوية .ونبتة نجحت فى ضم الشجرة النوبية فى لحمة واحدة أما عن
الليلة المشهودة فإنها حكاية ، لأن الحضور لم يكن محصورا على النوبيين من سكان النيل ، بل جمعت كل الأطياف السودانية وكأنها إحتفال بشخصية قومية ،والكل يسابق الآخر حاملا درعا كتب عليه عصارة الإحساس نحو مكى ، وحتى الأحزاب السودانية كانت لها حضورها الملفت حتى تشابه علينا لأى حزب ينتمى هذا النوبى؟ ، ولكن هذا طبعنا تطبعنا عليه قوم ذا شخصية متفردة ، نحس آلام الآخرين ونتقدم الصفوف عند المحن ننسى الأعراق والإثنيات عندما نهب لنجدة الملهوف والمستغيث من كل الأعراق ونحمل قضاياهم كأنها قضيتنا ، وهذا هو التفسير المنطقى لهذا الحضور المميز ، ومكى حقيقة كان تاجا للنوبة فى هذه الليلة وحق له ذلك التكريم .تسابق فنانى النوبة والسودان، منهم من غنى لفنان النوبة وردى ومن غرد لود الأمين وكان إلمبدع يوسف خيرى وآخرين لا أذكر الأسماء، طرب لأغنياتهم وألحانهم أهل نمولى وجبال النوبة وأهل كردفان ودارفور وكسلا ومدنى قبل أهل النوبة ، و مثلى معذور فى مثل تلك الليالى شارد مع الأنغام .وكانت للكمبلا حضورها المميز بإيقاعاتها الرجولية , ولا ننسى ود عبد العال الحريص دائما فى حضور المناسبات النوبية وصاحب الكلمات المرتجلة والبليغة فى آن واحد ..أما الدكتور الأنيق المهذب صلاح كان بالطبع كعادته عمود القوم فى التكريم وحكى بكلمات عن مكى لا يأتى بها إلا هو مصدرا ومكى موصوف بها ، فهو متمكن فى لغة العرب حتى تشك فى نوبيته ببلاغة اللسان العربى المبين ، ورغم أنى كنت عضوا فى لجنة الإعلام وكان لى شرف تقديم درع بإسم منتدى كدنتو مع أخى محمود أكمنتود للمحتفى به بتكليف من المهندس /عوض سالى .. إلا أننا لم نحتاج لإعلام ودعاية لحضور الحفل ومجرد أن ذكرت أن مكى هو الموعود بالتكريم فالكل أصبح عضوا فى لجنة الإعلام ، وبادر بدعوة من كان غافلا عن الموعد ومكان التكريم ، حتى فضائيات الشروق وهارمونى كانت لها حضورها وتسابقا فى تسجيل الحدث وتوثيقه
وفى خضم هذا الجو الجميل لم تغب تلك المداعبات الجميلة ، وثمة طرفة حدثت وهى أنى كنت أبحث عن مأمون عباس الوسيلة رئيس فعاليات حلفا والأخ الوجيه على سيد رئيس رابطة السكوت الذان إختفيا فجأة من الساحة فإذا بى أجدهم فى باحة الإستراحة فى جو رومانسى جميل مع فنجان الشاى على منضدة والشيشة أمامهما ، وحسناء من أهل الحبشة تجاذب معهما الحديث وضحكات عالية تفوق سماعات الحفل قكانت بعض الربكة بحضورى وتذكيرهم أن الحفل فى نهايتها ملمحا أنى موعود بمقال عن الأحداث فى الحفل .
الليلة كانت مميزه بكل المقاييس حضورا وطربا ختمناها بملحمة مكى، كجبار الحاضرة فى كل مناسبة وبالطبع عديلة النوبية التى خطبتها كل السودان وربما هى أصبحت وثيقة نوبية وعنوان لملحمة وإرث نوبى تقاسمها الجميع وكان مكى هو الموروث على قيد الحياة أطال الله عمره بما قدم للنوبة .... مليون عديله ليك مكى وترافقك السلامة إلى أرضنا الطيبة والسودان الوطن ... سلام أبوشهاب